للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي﴾ [الحجر: ٨٧] يعني: فاتحةَ الكتاب، على ما نصَّ عليه النبيُّ حيث قال في رواية أبي هريرةَ : "فاتحةُ الكتابِ إنَّها السَّبْعُ المَثاني والقراَنُ العظيمُ الذي أُوتيْتُه" (١)، والآيةُ مكيةٌ بالنصِّ، وبذلك استدلُّوا على مكِّية هذه السورة، قُدم (٢) دليل مكيَّتِها آنفاً، ووجهُ الدلالة ظاهرٌ، والمكيُّ ما نزل قبل الهجرة، والمدنيُّ ما نزل بعدها سواءٌ نزلَ (٣) بالمدينة أو في سفَرٍ من الأسفارِ (٤).

وهي سبعُ آياتٍ بالاتِّفاق، إلا أن قُرَّاء المدينة والبَصْرة والشام وفقهاءَها عَدُّوا ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ آيةً، ولم يَروا التسميةَ آيةً منها (٥)، وعليه مالكٌ وأصحابه، وأبو حنيفةَ وأصحابه، ولهذا لم يذكُرها مالكٌ في الصَّلاة، ويُسِرُّ بها أبو حنيفةَ ويقول: إنَّها آيةٌ من القرآن أُنزلت للفصل بين السُّور والافتتاحِ بها تبرُّكاً، وقراءُ مكةَ والكوفةِ وفقهاؤها على أنها آية مِن الفاتحة ومن كلِّ سُورةٍ، وعليه الشافعيُّ وأصحابه، ولهذا يُجهر بها في الصَّلاة، ولا دلالةَ في الإجماع على أنَّ ما بينَ دفَّتي المُصحفِ كلامُ الله تعالى، والوِفاق على إثْباتها في المصاحف مع المبالغة في تجريْد (٦) القرآن حتَّى لم تُكتب "آمين" = على صحَّة القول الثاني؛ إذ لا يلزم من كونها كلام الله تعالى أنْ تكونَ آيةً من الفاتحة.


(١) رواه البخاري (٤٧٠٤) بلفظ: "أُمُّ القُرْآنِ هي السَّبْعُ المَثَانِي والقُرْآنُ العَظِيمُ"، ورواه أبو داود (١٤٥٧) بلفظ: "الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ أُمُّ الْقُرْآنِ وأُمُّ الْكِتَابِ والسَّبْعُ المَثَانِي".
(٢) في "د": (قد مر).
(٣) في "ف": (أنزل).
(٤) في هامش "ف" و"م": (نص على هذا القرطبي في تفسير سورة المائدة. منه).
(٥) في هامش "ف": (ذكره الفقيه أبو الليث. منه).
(٦) في "ف" و"م": (تحرير).