للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نعَم فيما روى أبو هريرةَ من أنَّه قال: "فاتحةُ الكتاب سبْعُ آياتٍ أُولاهُنَّ بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم" (١) دلالةٌ عليها.

(بسم الله الرحمن الرحيم) قد جاء في الخبر عن خَير البَشر أنَّه كان يكتب: باسمكَ اللهمَّ، فلمَّا نزلتْ سورة هودٍ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: ٤١] كَتب بسم الله، فلمَّا نَزلتْ سورةُ بني إسرائيلَ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ [الإسراء: ١١٠] كَتب باسم الله الرحمن، فلما نزلتْ سورة النَّمل: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] كَتب بسم الله الرحمن الرحيم (٢).

ففي الخبَر دلالةٌ على أنَّه ليس من أول كلِّ سورة، ولكنَّها بعضُ آيةٍ من كتاب الله تعالى في سورة النَّمل.

وقالوا: اللُّطف من الله في عَدمِ كونها آيةً تامَّةً: أنْ لا يكون الجُنُبُ والحائضُ والنُّفساءُ ممنوعِينَ عندَ كلِّ أمرٍ ذي بالٍ، كالشَّهادتينِ لم يجمعا (٣) في القرآن في موضعٍ واحد؛ لئلا (٤) يُتوهَّم أنَّهما آيةٌ، وربما يُحتضَرُ الجُنبُ ونحوُه فلا يُمكنه التكلُّمُ بها عند ختْمِ عُمُرِهِ.

(بسم) نَصبٌ بفعلٍ مضمَرٍ تقديره: بسم الله أقرأُ، وتقديمُ المعمول للاهتمام


(١) روي مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أشبه بالصواب. انظر: "العلل" للدارقطني (٨/ ١٤٨).
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢/ ٨١) عن عامر الشعبي مرسلاً. وجاء في هامش "ف" و"م": (قال الفقيه أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي: حدثنا خليل بن أحمد السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا خالد، عن داود، عن عامر قال: كان رسول الله يكتب .. منه). وانظر: تفسير أبي الليث المسمى: "بحر العلوم" (١/ ١٣).
(٣) في "ف" و"م": (يجيئا).
(٤) في "ك": (حتى لا).