للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما قال: ﴿بِهِ﴾ مع ذكر أشياء جمعًا؛ لأنَّه لَمَّا أدخل بينَ كلِّ شيئين منها ﴿لَا﴾ مكرّرًا، صار كلُّ واحد منها مفردًا بالذِّكر مقصودًا بالوعد، ولهذا قالوا: مَن حلف لا يأكل خبزًا ولا لحمًا حنثَ بكلِّ واحدٍ منهما، ولو قال: لا يأكل خبزًا ولحمًا، لا يحنث إلَّا بهما جميعًا.

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ على إحسانهم، فيه إيذانٌ بأنَّ الجهاد إحسانٌ، وأنَّ الإحسانَ مُوجِب للأجر، فيكون تعليلًا لـ ﴿كُتِبَ﴾.

أمَّا كونه إحسانًا بالنسبة إلى المؤمنين فلِمَا فيه من صيانة حوزة الإسلام عن استيلاء الكفَّار، وأمَّا بالنِّسبة إلى الكفَّار فلأنَه سعيٌ في إصلاحهم وإرشادهم بأقصى ما يمكن، كضرب المداوي للمجنون ليشرب الدَّواء النَّافع.

* * *

(١٢١) - ﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

﴿وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً﴾ ولو تمرةً أو عِلَاقةَ سوط ﴿وَلَا كَبِيرَةً﴾ مثل ما أنفق عثمان في جيش العسرة.

وتقديم النَّفقة الصغيرة مع أنَّ حقَها التَّأخير للاهتمام بشأنها؛ لأنها مظنَّة التَّحقير وعدم الالتفات بها.

﴿وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا﴾ في ذهابهم ومجيئهم، والوادي: كلُّ مُنفرجٍ (١) ينفذ فيه السَّيل، اسم فاعل من وَدَى: إذا سالَ، فشاع في معنى الأرض.

﴿إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ﴾: أثْبِتَ لهم ذلك ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ﴾ به ﴿أَحْسَنَ مَا كَانُوا


(١) في (ك): "منعرج".