للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٢٦) - ﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.

﴿أَوَلَا يَرَوْنَ﴾ يعني: المنافقين، وإنَّما فُتحَتِ الواو لأنها عاطفة دخل عليها ألف الاستفهام للتَّوبيخ، فالكلام مستأنفٌ من وجهٍ، متَّصلٌ من وجهٍ.

وقرئ بناء الخطاب (١)؛ يعني: المؤمنين، والاستفهام حينئذ للتَّعجُّب؛ أي: عَجبًا منهم كيف قسَتْ قلوبُهم وعميت أبصارُهم عمَّا يتتابع عليهم من أنواع المحن وأصناف الفتن.

﴿أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ﴾: يُبتلَون بأنواع البليَّات، أو بالجهاد مع رسول الله ، فيعاينون بما يظهر عليه من الآيات.

﴿فِي كُلِّ عَامٍ﴾ العام هنا ليس على عمومه، بل مُخصَّص بقرينة المقام.

﴿مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ قيل: هذه الفتنة تَهتكُ أستارهم وتُظهر (٢) أسرارهم.

﴿ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ﴾ من نفاقهم (٣) ﴿وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾: ولا يتَّعظون بما يصيبهم حتى ينتهون عمَّا هم عليه.

وزيادة ﴿هُمْ﴾ لأنَّ غيرهم يتَّعظون باختبارهم أنَّ سنَّة الله تعالى أنْ لا يُخْليَ أرباب التَّكليف من دلائل التَّعريف والتَّحريكِ لهم في كلِّ وقتٍ بنوعٍ من البيان، والتَّعريكِ في كلِّ أوان بضربٍ من الامتحان، فمنهم من لا يزداد بإيضاح البرهان إلا زيادة الخذلان، والحجبة عن قرائر البيان.


(١) وهي قراءة حمزة. انظر: "التيسير" (ص: ١٢٠).
(٢) في (ف) و (م): "بهتك … وإظهار".
(٣) "من نفاقهم" سقط من (ك).