للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٢٧) - ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾.

﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ﴾ ذكر فيما سبق ما يَحدث منهم من القول على سبيل الاستهزاء، وذكر هاهنا ما يحدث منهم من الفعل استهزاءً.

﴿نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾: تغامزوا بالعيون؛ إنكارًا لها وسخرية، أو غيظًا (١) لِمَا فيها من عيوبهم.

﴿هَلْ يَرَاكُمْ﴾ قائلين: هل يراكم ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ من المسلمين، يريدون الانصراف سرًّا، لانتفاء صبرهم على الاستماع (٢) لغلبة الضحك، أو ترامقوا يتشاورون في تدبير الخروج والانسلال؛ لغلبة الغيظ، فإن لم يرهم أحدٌ قاموا (٣)، وإن رآهم أقاموا (٤) نفاقًا.

﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا﴾ عن حضرته مخافةَ الفضيحة على التَّقديرَيْن.

﴿صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ الظَّاهر أنَّه خبر، ﴿بِأَنَّهُمْ﴾: بسبب أنهم ﴿قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ لسوء فهمهم، أو عدم تدبُّرهم.

لَمَّا كان الكلام في معرض ذِكْرِ الذَّنب بدأ بالفعل المنسوب إليهم بقوله: ﴿ثُمَّ انْصَرَفُوا﴾، ثم ذكر فعله بهم على سبيل المجازاة (٥) لهم في فعلهم، كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف: ٥].


(١) "أو غيظًا" من (م).
(٢) في (ف) و (ك): "استماع".
(٣) في (ك): "أقاموا".
(٤) في النسخ: "قاموا"، والصواب المثبت؛ أي: مكثوا وبقوا ولم يقوموا.
(٥) في (ف): "المجاز".