في كلِّ نفعٍ من المطر والسَّعة والعافية وغيرها، فكان المعنى في الرؤوف: الشَّفيق العطوف، وفي الرَّحيم: النَّافع المفضِّل، فلكلٍّ منهما وجهُ تقدُّمٍ على الآخر.
وقيل: قدَّم الرَّأفة على الرَّحمة لأنَّ الرَّأفةَ إنَّما تكون باعتبار الحفظِ والصِّيانةِ عن الآفات والنَّقائص التي يُستحقُّ بها العقاب، والرَّحمةَ باعتبار إفاضة الكمالات والسَّعادات التي يُستحقُّ بها الثواب، فالأُولى من باب التَّزكية، والثَّانية من باب التَّحلية، ولا تكون التَّحلية إلَّا بعد التَّزكية، ونسبتها إلى الأولى نسبةَ ﴿حَرِيصٌ﴾ إلى ﴿عَزِيزٌ﴾.
﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ﴾ أي: فإن أعرضوا عن الإيمان بك فقل لهم، وفيه تلوين الخطاب، ووجهُ التَّفريع: أنَّ مقتضى الرَّحمة والرَّأفة أنْ لا يدعو عليهم ولا يجازَيهم بالفعل الذي يؤذيهِم، أي: فاقتصِرْ على القول الجامع للتَّرغيب والتَّرهيب.
﴿حَسْبِيَ اللَّهُ﴾ أي (١): فاستعِنْ بالله تعالى، وفوِّض إليه أمرك، فإنَّه يكفيك مَعرَّتهم ويُعينك عليهم.
﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ كالدَّليل على التَّسليم والتَّوكُّل.