للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾: أبَعْدَ النظرِ في تفرُّدِه تعالى في هذهِ الأوصافِ، الموجِبِ لتخصيصِهِ بالعبادةِ، لا تتذكَّرونَ فتتنَبَّهون بأدنى تفكُرٍ على خطأ ما أنتُم فيهِ؟!

* * *

(٤) - ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾.

﴿إِلَيْهِ﴾ لا إلى غيرِه ﴿مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ بالبعثِ من القبورِ يوم النشورِ، ظاهرُهُ إخبارٌ عن المالِ، وباطنُهُ إنذارٌ بما فيه من سوءِ الحالِ، وأمرٌ على وجهِ الإرشادِ بالاستعدادِ ليوم التنادِ.

﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ مصدَرٌ مؤكِّدٌ لنفسِهِ؛ لأن قوله: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ وعدٌ من اللّه تعالى.

﴿حَقًّا﴾ مصدرٌ آخرُ مؤكِّدٌ لغيرِه، وهو ما دلَّ عليهِ ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾.

﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾: بعدَ بدئه وإهلاكِه، استئنافٌ كالدليلِ لِمَا تقدَّم؛ وذلكَ أنه تعالى لمَّا أخبَر عن وقوع الحشرِ والنشرِ ذكرَ بعده ما يدلُّ على كونِه ممكنَ الوقوعِ في نفسِه بقولِه: ﴿إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ﴾؛ لأن إمكانَ الوجود أولًا يدُلُّ على إمكانِه ثانيًا، ثم ذكَرَ ما يدلُّ على وقوعِهِ بقولِهِ: ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾.

وقيلَ: هو كالتعليلِ لقوله: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾ لأنهُ لمَّا كان المقصودُ من الإبداِء والإعادة مجازاةَ اللّه المكلَّفين على أعمالهم، وجَبَ أن يكون مرجِعُ الجميعِ إليه، ويؤيدُه قراءةُ ﴿إِنَّهُ﴾ بالفتح (١)؛ أي: لأنَّه، وبعدَ حذف اللامِ يكون منصوبًا بالظرفِ أعني ﴿إِلَيْهِ﴾.


(١) وهي قراءة أبي جعفر، انظر: "النشر" (٢/ ٢٨٢).