للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ لأنَّ تدبيرَ أمر الخلائق كلِّها بتهيئةِ أسبابها وترتيبِها على النظامِ الحكمي مما يبينُ أمرَ العظمةِ ويقرِّرُه.

والتدبيرُ: النظرُ (١) في أدبارِ الأمورِ لتقعَ على ما ينبَغِي من الوجهِ الأتمِّ الأصوبِ.

ثم زادَ في تقريرِ معنى العظمةِ والكبرياءِ والعزةِ والجلالِ بقولِه:

﴿مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾ كقولهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ﴾ [النبأ: ٣٨] وفيهِ إثباتُ الشفاعة لمن أَذِنَ له، وأما الردُّ على مَن زعمَ أن آلهتهم تشفَعُ لهم عندَ اللّه تعالى فلا يتمُّ؛ لأنهم يدَّعونَ أن اللّهَ تعالى يأذَنُ لهم في الشفاعةِ، ولا دلالةَ في الآية على عدمِ الإذن لهم (٢).

﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ﴾ إشارةٌ إلى المعلومِ الموصوف بتلكَ العظمةِ والكبرياءِ الموجبةِ لاستحقاقِ العبادةِ؛ أي: ذلكُم الموصوفُ بما وُصِفَ هو:

﴿رَبُّكُمُ﴾ لا غيرُ؛ إذ لا يشاركُه أحدٌ في شيءٍ من ذلكَ.

﴿فَاعْبُدُوهُ﴾ وحدَهُ ولا تشركُوا به شيئًا من أشرفِ الموجوداتِ فضلًا عن الجمادِ.


(١) "النظر"من (ك).
(٢) في هامش (م): "قوله: وأما الرد إلى قوله: فلا يتم … إلخ لأن دعواهم هذه لا دليل عليها، بل قام الدليل على عدمها لأنَّه جمادات لا شعور لها بشيء حتى يصح منها الشفاعة، بل على فرْض شعورها فهي ممنوعة من الشفاعة لأنها ليست أهلًا للشفاعة لقصور رتبها عن رتبة الشفعاء، وعلى فرض أهليتها لكنه لم يؤذن لها في الشفاعة إذ لا يؤذن في الشفاعة إلا في حق من تصح فيه الشفاعة وتنفعه، وهي لا تنفع الكافر لتحتُّم خلوده في النار، فكيف يصح أن يؤذن في الشفاعة فيه؛ فعلى كل حال فهو رد عليهم فيما ادعوه وقام الدليل على بطلانه. تأمل".