للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويجوزُ أن يُرادَ به المنزلةُ الرفيعة معنويةً أو صوريةً، فيكونَ كقوله: ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ [القمر: ٥٥] وَيعضدُه قولُه:

﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾، ومَن قالَ: أي: سابقةً وفضلًا ومنزلةً ورفعةً، لم يُصِب في الجمعِ بين وجهَي المجازِ، بل بينَ وجوهِه (١).

﴿قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا﴾: فيه دلالة على أنهم يقولونَه عند حضرته .

﴿لَسَاحِرٌ مُبِينٌ﴾: وقرئ: ﴿لَسَاحِرٌ﴾ (٢)، والإشارةُ إلى القرآنِ وسائرِ ما أتى به من الخوارقِ للعاداتِ، وكيف ما كان ففيهِ اعترافٌ بعجزِهم عن المعارضةِ، وتسليمٌ لإعجازهِ معنًى، وإن كانوا يطلِقون عليه لفظَ السحرِ عنادًا ومكابرةً؛ لأن التعجُّبَ أولًا ثم التكلمَ بما هو معلومُ الانتفاءِ قطعًا حتى عندَ نفسِ المعارِضِ دأبُ العاجزِ.

* * *

(٣) - ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾.

﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾: دلَّ بهِ على عظمةِ شأنِه وكمالِ سُلطانِه بالقدرة على خلق أصولِ الممكنات كلِّها معَ سعتها وبسطِها في وقتٍ يسيرٍ، وعلى عِظمِ ملكِه بالاستواءِ على العرش، ثم قرَّرها وأكَّدَها بقولِه:


(١) في هامش (م): "رد لصاحب الكشاف ومن حذا حذوه".
(٢) وهي قراءة أبي عمرو وابن عامر ونافع، انظر: "التيسير" (ص: ١٢٠).