للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾ أصلُهُ: ولو يعجِّلُ اللّهُ للناس الشرَّ تعجِيلَه لهم الخير حين (١) استعجلُوهُ بالخيرِ، فوضَع ﴿اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ﴾ موضعَ: تعجيله الخيرَ، وحذف ما حذف منه لدلالة الباقي عليهِ إيجازًا، وذلك الوضعُ للإشعار بسرعةِ إجابته تعالى لهم في الخيرِ، حتى كان استعجالُهم به نفسَ تعجيله له، وبأنَّ المراد بالشرِّ: الشرُّ الذي استعجلُوه كقولهم: ﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الأنفال: ٣٢].

﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾؛ أي: ولو يعجِّلُ اللّهُ لأهل مكة الشرَّ الذي دعَوا به واستعجلُوه كما يعجِّلُ لهم الخيرَ، ويجيبُهم إليهِ لَمَا قاموا لعذابنا، بل أهلِكُوا (٢) وأُميتوا؛ لأن تركيبهم (٣) في الدنيا لا يحتمِلُ ذلكَ.

وقرئ: ﴿لَقُضِيَ﴾ على البناء للفاعلِ (٤) وهو اللّه تعالى، ويؤيده قراءةُ: (لقَضَينا) (٥).

وهذه الآيةُ متصلةٌ بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ دلالةً على استحقاقِهم العذابَ، واللّهُ تعالى إنما يمهلُهم استدراجًا، وجيءَ بـ (الناسِ) بدل ضميرِهم تفظيعًا للأمرِ، ثم قيلَ: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ مصرَّحًا باسمهم، وذكرُ


(١) في (ف) و (م): "حتى".
(٢) في (ك): (هلكوا).
(٣) في (ف): (تركهم).
(٤) وهي قراءة ابن عامر.
انظر: "التيسير" (ص: ١٢١).
(٥) نسبت لعبد اللّه بن مسعود ، انظر: "الكشاف" (٢/ ٢٢٧).