للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المكرِ لم يَخْفَ على الحفظةِ فضلًا عن أن يخفى على اللهِ تعالى، وإيعادًا بالانتقامِ وتحقيقٌ لهُ، وقرئ: ﴿يمكرون﴾ (١) ليوافقَ ما قبله.

* * *

(٢٢) - ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾.

﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ﴾ يمكنكم من السيرِ فيه بأن جعلَ لكُم الأرضَ ذَلولًا تمشُون في مناكبها، وقرئ: ﴿ويَنْشُرُكم﴾ (٢) من النشرِ.

﴿وَالْبَحْرِ﴾ ولمَّا كان السيرُ فيه أغرَبَ، وإلى ظهورِ آثار القدرةِ والرحمةِ أقربَ، خصَّهُ بالتفصيلِ فقالَ:

﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾ في السفنِ، و ﴿حَتَّى﴾ على القراءةِ الثانية لبيانِ أن غاية السيرِ مضمونُ الجملةِ الشرطيةِ (٣)، والالتفاتُ في:

﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾؛ أي: بمن فيها؛ [وهو التفاتٌ] (٤) للمبالغةِ في جريِ الفلكِ بمرادهم، كأن ركوبها ووقوعَهم في الغيبة مع لسرعةِ الجري، وفي تقبيحِ حالهم


(١) هي رواية روح عن يعقوب. انظر: "النشر" (٢/ ٢٨٢)، ونسبت للحسن وقتادة ومجاهد وغيرهم. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٦)، و"البحر" (١٢/ ٤٩).
(٢) وهي قراءة ابن عامر، انظر: "التيسير" (ص: ١٢١).
(٣) في هامش (ف) و (م): "أما على القراءة الأولى فلا حاجة إلى التأويل لأن الكون في السفن يصلح غاية للتسيير بمعنى التمكين من السير. منه".
(٤) زيادة يقتضيها السياق، وانظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٠٩)، و"حاشية الشهاب" (٥/ ١٨).