للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكَلاءتهما (١) من الآفاتِ مع كثرتِهما وسرعةِ تأذِّيهما وبطلانِهما من أدنى شيءٍ.

ولما كان الوصولُ إلى الرزق بواسطَتِهما كان خلقُهما وحفظُهما من تمامِ الترزيقِ؛ ولهذا قالَ: ﴿أَمَّنْ﴾ ولم يقل: (ومَن)، كما قالَ:

﴿الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾؛ أي: ينشئُ الحيوان (٢) من النطفةِ، والنطفةَ منه (٣).

﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾: ومَن يلي تدبيرَ أمر العالمِ؟ تعميمٌ بعد التخصيصِ تنبيهًا على أنَّ تفاصيل المننِ والنعمِ والأسبابِ؛ الإيجادِ والربوبيةِ أكثرُ من أن تُحصى؛ كأنهُ قالَ: وبالجملةِ مَن يدبِّرُ أمر العالم كلَّهُ.

﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾: إذ لا يقدرونَ نسبةَ (٤) ذلكَ إلى غيرهِ مكابرةً؛ لفرطِ وضوحِه.

فالسينُ للتأكيدِ، والفاءُ جزائيةٌ للترتيبِ على شرط محذوفٍ تقديرُه: إن سألتَهم عن ذلكَ ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ البتة.

﴿فَقُلْ﴾: تفريعٌ على الشرطية المذكورةِ.

﴿أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ اللهَ في إشراككم بهِ ما لا يشارِكُه في شيءٍ من ذلكَ؟! الهمزةُ للاستفهامِ الإنكاريِّ، والفاءُ لترتيب الإنكار على الاعترافِ المذكورِ، فهي مُقدَّمةٌ معنًى وإن أُخِّرت لفظًا؛ حفظًا لصدارةِ الهمزةِ.


(١) في (ف): "وكلاءهما".
(٢) في النسخ: "الحياة"، والمثبت من "تفسير البيضاوي" (٣/ ١١١).
(٣) في (م): "عنه". وسقطت "والنطفة" من (ك) و (م). والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في المصدر السابق.
(٤) في (ك): "بنسبة".