للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يكونوا معترِفين بها، تنبِيهًا على وضوحِ برهانها، ودلالةً على أن مَن أنكرها كان مكابرًا رادًّا للظاهرِ البيِّنِ الذي اعترفَ بصحته العقلاءُ، وكان عندَهم من المسلَّماتِ.

وقد أُومئ إلى لجاجِهم وعنادِهم وشدةِ مكابرتهم، بأمرِ النبيّ بأن ينوب عنهُم في الجواب في قولِه:

﴿قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾؛ أي: لا تدَعُهم لجاجتُهم أن ينطِقوا بكلمة الحقِّ فكلِّمْ عنهم.

﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾: تُصرَفون عن قصد السبيلِ.

* * *

(٣٥) - ﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾.

﴿قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾: بنصبِ الحُججِ، وإرسال الرسلِ، والتمكينِ، والإقرار على النظرِ، والتوفيق للتفكُّرِ والتدبُّرِ، وإلهام الحقِّ والصوابِ.

و (هَدَى) كما يُعدَّى بـ (إلى) لتضمُّنه معنى الانتهاءِ، يُعدَّى باللام للدلالةِ على أن المنتهى غايةُ الهدايةِ، وأنها لم تتوجَّه نحوه على سبيل الاتِّفاقِ (١)، ولذلك عُدِّيَ بها ما أُسنِدَ إلى اللهِ تعالى في قوله:

﴿قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾، أي: اللهُ تعالى وحدَه هو الذي يهدِي للحقِّ دون غيرِه.

﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي﴾ أفمَن يهدي هذه الهدايةَ


(١) "على سبيل الاتفاق"؛ أي: من غير قصد وإرادة، بل تتوجه نحوه على سبيل القصد والإرادة. انظر: "حاشية القونوي على البيضاوي" (٩/ ٤٥٧).