للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البعد من تصوُّرِهم عند الرجوعِ ودوامِ العقابِ، وفيهِ أنواعٌ من المبالغاتِ في تشديد الوعيدِ وتأكيدِه.

وقرئ: (ثَمّ) بالفتحِ (١)؛ أي: هناك.

* * *

(٤٧) - ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾.

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ﴾: من الأممِ الماضيةِ ﴿رَسُولٌ﴾: بعِثَ إليهم ليدعُوَهم إلى الحقِّ.

﴿فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ﴾ بالبيِّناتِ فكذَّبوه ﴿قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾: بالعدلِ، فأُنجي الرسولُ ومَن اَمنَ بهِ، وأُهلك المكذِّبون (٢)، وذلكَ لإلزام الحجةِ؛ كقولهِ: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].

﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾: بالعقابِ في الآخرةِ بعد العذابِ في الدنيا لأنهُ جزاءُ سيئاتهم، والتعذيبُ في الدنيا لا يكُون مكفِّرًا في حقِّ الكافرِ، وعلى هذا هو تأسيسٌ لا تأكيدٌ لِمَا قبلَهُ؛ فالعاطفُ أصابَ المحزَّ.

بخلافِ ما قيلَ: معناه: لكلِّ أمةٍ يوم القيامةِ رسولٌ تنسَبُ إليهِ، فإذا جاءَ رسولهم الموقفَ ليشهَدَ عليهم بالكفرِ والإيمانِ قُضي بينهُم بإنجاء المؤمنِ وعقابِ الكافرِ؛ كقوله (٣): ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [الزمر: ٦٩]- فإنهُ حينئذٍ يتعينُ التأكيدُ، فالعاطفُ يكون واقعًا بينَ الشجرِ ولحائه.

* * *


(١) نسبت لابن أبي عبلة، انظر: "الكشاف" (٢/ ٣٥٠)، و"البحر المحيط" (١٢/ ١٠٩).
(٢) في (ف) و (م): "المكذبين".
(٣) في (ك): "لقوله".