للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرئ بالتاء: ﴿فَلْيَفْرَحُوا﴾ (١) على الأصل المرفوض، وهو القياسُ، وروِيَ عن رسول اللهِ مرفوعًا (٢)، وإنما (٣) آثرهُ لأنَّه أدلُّ على الأمرِ بالفرحِ، وأشد تصريحًا به.

﴿هُوَ﴾ راجعٌ إلى (ذلكَ) ﴿خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾: من حطامِ الدنيا السريعِ الزوال، وقرئ: ﴿وتجمعون﴾ بالتاء (٤) على الخطابِ.

ومَن لم يذُق حُسنَ هذا الاستئناف في مقام التعليلِ، ولم يَدْرِ أنه أقوى الوصلَين، قالَ: على معنى: فبذلك فليفرحِ المؤمنون فهو خيرٌ مما يجمعون. فأوهمَ أن حقَ المقام الوصلُ بالفاءِ التعليليةِ، ولا يخفَى ما فيه من سوءِ الأدب.

* * *

(٥٩) - ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ٥٩)﴾.


(١) رواية رويس عن يعقوب، انظر: "النشر" (٢/ ٢٨٥).
(٢) الصواب موقوف كما سيأتي، فقد رواه سعيد بن منصور في "سننه" (١٠٦٢ - تفسير) عن أُبيِّ بنِ كعبٍ، قال: قال لي رسولُ اللهِ : "أُمِرْتُ أنْ أَقرأَ عليكَ القرآنَ"، قال: قُلْتُ: سَمَّاني لك ربِّي؟ قال: "نَعَمْ "، فتَلَا: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾. والصواب أن المرفوع من هذا الحديث ينتهي عند قوله: "نعم"، أما الآية فقد جاء في كثير من الروايات أن الذي قرأها هو أبي ، وأنَّه قرأ فيها: ﴿فلتفرحوا﴾ بالتاء، انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٣٠٩٣٧) تحقيق محمد عوامة، و"مسند أحمد" (٢١٢٣٧)، و"خلق أفعال العباد" (٥٣٤)، و"سنن أبي داود" (٣٩٧٩)، و"شرح معاني الآثار" (٥٥٨٧). ويشهد لذلك أن الحديث رواه البخاري (٣٨٠٩)، ومسلم (٧٩٩)، عن أنس ، وينتهي عند قوله: "نعم".
(٣) "إنما" سقط من (ك).
(٤) قراءة ابن عامر. انظر: "التيسير" (ص: ١٢٢).