للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ﴾: جعلَ الرزق مُنزَلًا؛ لأنَّه مقدَّرٌ في السماء مسبَّبٌ بأسباب منها: من (١) المطرِ والشمسِ والقمرِ، في الإنباتِ والإنضاجِ والتلوينِ.

و ﴿مَا﴾ في محلِّ النصب بـ ﴿أَنْزَلَ﴾، أو بـ ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾؛ لأنهُ بمعنى: أخبِروني.

و ﴿لَكُمْ﴾ دلَّ على أن المرادَ بالرزقِ ما حلَّ (٢)، ولذلك وبخَهم على التبعيضِ بقولِه:

﴿فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾: من البَحيرةِ والسائبةِ والوَصِيلَةِ والحامِي، وما جعَلُوا للهِ من الحرثِ والأنعامِ.

وإنما قدَّم ﴿حَرَامًا﴾ لأنَّه مصبُّ الإنكارِ، وفي (٣) إسنادِ التحريمِ والتحليل إليهم إشارةٌ إلى أنهُم هم المبعِّضونَ توبيخًا وتمهِيدًا لإثباتِ القِسم الثاني من المنفصِلةِ في قوله:

﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾؛ أي: أخبِروني اَللهُ أذِنَ لكم في لتحريم والتحليلِ، فتفعلونَ ذلك بإذنِهِ، أم تكذِبون على اللهِ في نسبتِهِ إليه؟

على أنَّ ﴿أَمْ﴾ متصلةٌ، وتكريرُ ﴿قُلْ﴾ بينَ ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ وما يتعلَّقُ به للتأكيدِ، والاستفهامُ للتبكيتِ، والإشارةِ إلى أن نسبةَ ذلكَ إلى الله تعالى تقليدٌ، وقولٌ بلا حجةٍ، فلزمَ الافتراق (٤).


(١) "من "ليست في (ف).
(٢) في (ك): "قل" والمثبت موافق لما في "البيضاوي".
(٣) في (ف): "في".
(٤) في (ف): "الافتراء".