للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان الأصلُ: اَللهُ أذنَ أم غيرُهُ؟ فعدَلَ إلى المنزَلِ دلالةً على أن الثابتَ هو الشقُّ الثاني، وهم (١) نسبوه إلى اللهِ تعالى، فهم مفترونَ عليه لا على غيرِه، وفيه زجز وتهديدٌ عظيم.

وإنْ جُعلَت ﴿أَمْ﴾ منقطعةً بمعنى (بل) و (الهمزة) فالاستفهامُ للإنكارِ، ومعنى (بل) إضراب عن أن يكونَ ذلك (٢) بإذنِ الله تعالى، ومعنى الهمزة تقريرُ الافتراءِ، وتوبيخٌ عليهِ، وتقديمُه على اللهِ تقبيحٌ لتخصيصِهِ تعالى بالافتراء عليه؛ فإنه نهايةٌ في قبح الكذبِ، وفي العدولِ عن الضميرِ إلى الاسم المُظهَرِ تفخيمًا زيادةُ إظهارٍ لقبح الافتراء.

(٦٠) - ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾.

﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾: في إبهامِ متعلَّقِ الظنِّ بحذفِهِ والسؤالِ عنهُ وعيد (٣) بليغٌ، وتهديدٌ عظيمٌ؛ أي: أيُّ شيءٍ ظنُّهم ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ وهو يوم الجزاءِ، يحسبونَ أنهم لا يجازَون على الافتراءِ.

وقرئ: (ظَنَّ) على لفظ الفعل، على جعل المحقَقِ الوقوع واقعًا، ونصبِ (م) على المصدر (٤)؛ أي: أيَّ (٥) ظنٍّ ظنوا فيه.


(١) في (ف): "وهو".
(٢) "ذلك": ليست في (ك) و (م).
(٣) "وعيد"من (م).
(٤) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٧)، و"الكشاف" (٢/ ٣٥٤).
(٥) في (م): "أي شيء"، والمثبت باقي النسخ و"الكشاف".