للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ﴾: على كلِّهم بما أنعَمَ عليهم من العقلِ والحواسِّ، وساقَ إليهم الرزقَ، وهداهُم إلى الحقِّ بإرسالِ الرسلِ، وإنزال الكتبِ، وأخَّرَ عنهم العذابَ من غير سابقةِ صُنعٍ منهُم يستوجِبون به ذلك.

﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ هذه النعمَ العظيمة بجهلهِم (١) بمواقعها.

(٦١) - ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.

﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾ الشأنُ: الأمرُ، وأصلُه: القصدُ، وعينُه الهمزة، مِن شأنتُ شأنهُ: إذا قصدتَ فخفّفت، والضميرُ في قولِه:

﴿وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ﴾: راجعٌ إلى الشأنِ؛ لأن تلاوةَ القرآنِ شأنٌ معظَّمٌ من شؤونِ النبيِّ ، أو لأن القراءة تكونُ بشأنٍ، فيكونُ التقديرُ: من أجلِه، ومفعولُ ﴿تَتْلُواْ﴾: ﴿مِنْ قُرْآنٍ﴾ على أن ﴿مِن﴾ تبعيضيةٌ، أو مزيدةٌ لتأكيدِ النفيِ.

أو للقرآنِ (٢)، وإضمارُه قبلَ الذكرِ ثم بيانُه تفخيمٌ له، أو للهِ.

﴿وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ﴾: ﴿مِن﴾ لتأكيدِ النفيِ؛ أي: أيِّ عملٍ كانَ، و (لا تعملون) تعميمٌ للخطابِ بعد تخصيصِهِ بمَن هو رأسُهم ومقدَّمهم، وحيثُ خصَّ ذَكَرَ ما


(١) في (م): "لجهلهم".
(٢) "للقرآن"، متعلق بـ "راجع "؛ أي: الضمير في ﴿مِنْهُ﴾ راجع إلى الشأن أو للقرآن … ، وسيأتي عطف قوله: "لله" عليه أيضا.