للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أشرفَ المخلوقات، ولا يصحُّ كونُهم شركاءَ، فكيف يصحُّ أن يكونَ الجمادُ له ندًا؟ فهو كالدليلِ على بطلان اعتقادِ المشركين.

﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾: ﴿وَمَا﴾ نافيةٌ، و ﴿شُرَكَاءَ﴾ مفعولُ ﴿يَتَّبِعُ﴾، ومفعولُ ﴿يَدْعُونَ﴾ محذوفٌ؛ أي: ما يتَّبعُ الذين يدعونَ من دون اللهِ شركاءَ شركاءَ حقيقةً (١) وإن سمَّوها شركاء (٢)، فحذِفَ أحدُهما لدلالةِ الباقي (٣) عليهِ.

ويجوزُ أن يكونَ ﴿شُرَكَاءَ﴾ مفعولَ يدعون ومفعولُ ﴿يَتَّبِعُ﴾ محذوفًا دلَّ عليهِ:

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾؛ أي: ما يتَّبعون ﴿إِلَّا الظَّنَّ﴾ يقينًا، وإنما يتَّبعونَ ظنَّهُم أنهم شركاءُ.

وإن جُعلَت (ما) استفهاميةً فهي مفعولُ ﴿يَتَّبِعُ﴾، و ﴿شُرَكَاءَ﴾ مفعولُ ﴿يَدْعُونَ﴾، وإن جُعِلت موصولةً فمنصوبةُ المحلِّ عطفًا على ﴿وَمَن﴾.

وقرئ: (تَدعُون) بالتاء (٤)، والمعنى: وأيُّ شيءٍ يتَّبعُ الذين تدعونهم شركاءَ من الملائكةِ والنبيينَ؟ أي: إنهم لا يتَّبِعون إلا اللهَ، ولا يعبُدون غيرَه، فما لكُم لا تتَّبِعونهم فيهِ؟ كقولِه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ [الإسراء: ٥٧] فيكونُ إلزامًا بعدَ برهانٍ، وما بعدَهُ مصروف (٥) عن خطابهم لبيانِ سندِهم ومنشأ رأيهم.


(١) في (م): "مشركًا حقيقة".
(٢) "وإن سموها شركاء" من (ف).
(٣) في (م): "الثاني".
(٤) قراءة السلمي، ورويت عن علي . انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٧).
(٥) في (ت) و (ك): "معروف"، وهو تحريف. انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١١٨) والكلام منه، و"تفسير أبي السعود" (٤/ ١٦٢) ولفظه: (ثم صُرف الكلامُ عن الخطاب إلى الغَيبة فقيل: إنْ=