للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿كَذَلِكَ﴾: مثلَ ذلك الطبعِ المحكَمِ ﴿نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ﴾؛ لأنَّ الاعتداء والإفراطَ في التجافي عن الحقِّ يوجِبُ الخذلانَ حتى يصيرَ رَينًا وطبعًا؛ فالكلامُ على الحقيقةِ دون الكنايةِ.

(٧٥) - ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾.

﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾: من بعدِ (١) هؤلاء الرسلِ ﴿مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾: خصَّ أشرافَهم بالذكرِ اكتفاءً بذكرِ الجزء عن الكُلِّ.

﴿بِآيَاتِنَا﴾: بالآياتِ التسع، أضافَها إلى نفسِه تنبيهًا على خروجِها عن حيِّزِ استطاعة العبدِ، وتعلُّقِ كسبِه بها، وكونها من خوارق العاداتِ.

﴿فَاسْتَكْبَرُوا﴾: عن قَبول الحقِّ، واتِّباعِ مَن أُرسِلَ إليهم.

والاستكبارُ: طلبُ الكِبرِ من غيرِ استحقاقٍ، وأعظَمُ الكِبر: استهانةُ العبدِ برسالةِ ربِّهِ بعدَ تنبيهِه بالبيِّناتِ.

﴿وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾: معتادِين بالآثامِ العظامِ، فلذلكَ استكبَرُوا عنها، واجترؤوا على ردِّها، أما توصيفُ الآثامِ بالعظامِ فلأن الجُرمَ يؤذِنُ عن ذنبٍ له عِظَمٌ، ثم إنَّ سبيلَ الكلامِ سبيلُ الاعتراض التذييلي، ويدلُّ على تمرُّنِهم واعتيادِهم له، فجمَعَهُ لذلكَ.

على أن الكافرَ إذا وصِفَ بالجُرمِ والفسقِ دل على أَشَدِّه، وأما السببية (٢) فمن نفسِ الاعتراضِ، والحملُ على العطف الساذجِ لا يلائمُ بلاغة القرآنِ.


(١) "من بعد"من (م).
(٢) في (ك): "سببه".