للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٧٦) - ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾.

﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا﴾: فلما عرفوا أنه الحقُّ، وأنَّه من عندِ اللهِ تعالى لا من قِبَلِ موسى وهارونَ ﴿قَالُوا﴾ من فرطِ تمرُّدِهم: ﴿إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ظاهرٌ، أو: فائقٌ في فنِّهِ واضحٌ من بين فنونِهِ.

والدليلُ على العرفانَينِ المذكورَين من النظمِ: إيقاعُ ﴿الْحَقُّ﴾ موضعَ ضميرِ الآياتِ، وإسنادُ المجيء إليهِ، وقولهم: ﴿إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ كما مرَّ في صدر السورة من دلالَتهِ على الاعتراف وتناهي العجز.

(٧٧) - ﴿قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ﴾.

﴿قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ﴾: أتَعِيبُونه وتطعنونَ (١) فيهِ؟ من قولهم: فلان يخافُ القالةَ (٢)، كقوله: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٠] فيستغني عن المفعولِ.

وقيلَ: حُذِفَ مقولُ القول لدلالةِ ما قبلَه عليهِ، وهو: إنه لسحرٌ، والهمزةُ للتوبيخِ أو التقرير، ولا يجوزُ أن يكونَ: ﴿أَسِحْرٌ هَذَا﴾؛ لأنهم بتُّوا القولَ، بل هو استئنافٌ بإنكارِ ما قالوه، إلا أن يكونَ الاستفهامُ فيه للتقرير، والمحكيُّ مفهومُ قولِهم، وهذا على الوجه الأولِ إشارة إلى وضوحِ حقيقتِهِ، وكونِه ممتازًا في الحسِّ من (٣) الباطلِ، معلومُ الحقيقةِ بحيث لا يُشكُّ فيهِ مشارًا إليه في ذلكَ، وعلى الثاني تحقيرٌ واستبعادٌ لكونهِ موجِبًا للفلاح.


(١) في (م) و (ف): "وتطغون".
(٢) في (ك): "المقالة".
(٣) في (ف): "عن".