ولأنَّ معناه على الرَّفع: أنَّ الحمد حقٌّ لله يستحقُّه لذاته، وعلى النَّصب لا دلالةَ على ذلك.
ولأنَّ الغافلَ عن معناهُ، وكذا السَّاهي عن ملاحظته، إذا تكلَّم به على النَّصب يكونُ كاذباً؛ لإخباره عن نفسه بكونهِ حامداً مع أنَّه ليس كذلكَ، بخلافِ ما إذا تَكلَّم به على الرفع.
وإنما خُصَّ الاسمُ المذكور هاهنا لتكونَ المَحامِدُ كلُّها مقرونةً بمعانيها المستدعيةِ لها، فإنَّه اسمٌ يُنبِئ عن جميع صفات الكمال، لمَّا أَخبر بأنَّه تعالى حقيقٌ بالحمْد باعتبار ذاتِه المستجمِعةِ لجميع صفاتِ الكمال، وعامَّةِ نُعوتِ الجلال، حُمِدَ أو لمْ يُحمدْ، نبَّه على استحقاقِه لهُ باعتبارِ أفعالهِ العِظام وآثارِه الجِسام أيضاً، مِن رُبوبيَّته لِلكل، وشُمولِ رحمتِه الظاهرة للجميع، وخصوصِ رحمتهِ الباطنة لِعباده المؤمنينَ، وذلك أنَّ ترتيب الحُكم على الوصف كما يُشعر بالعِلَّيةِ، كذلك تعقيبُ الحكم بالوصف يُشعر بها، كأنَّه قال: حقيقةُ الحمد مخصوصةٌ لذاته الواجبةِ الكاملة بذاتها، ولِكمالاتِها التي لا يَشتركُ فيها غيرُه.
﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾: الربُّ يُطلق على المُربِّي، والمُصلِح، والسَّيد، والمالِك، والخالق، والمعبودِ، وكلُّ ذلك يتحمَّله المقام، فيَصحُّ أنْ يُراد به هاهنا كلٌّ منها، وكفى ذلك وجْهاً لإيْثاره على المالِك ونحوهِ.