للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ يعني: موسى وهارونَ لأنَّه كانَ يُؤمِّنُ.

﴿فَاسْتَقِيمَا﴾: فاثبُتا على ما أنتُما عليه من الدعوةِ وإلزام الحجةِ، ولا تستعجِلا؛ فإنَّ ما طلبتُما كائنٌ في وقتهِ، روي: أنهُ مكَثَ بعد الدعاء أربعين سنةً (١).

﴿وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾: طريقَ الجهلة في الاستعجالِ؛ فإن الأمورَ مقدَّرةٌ معلَّقةٌ بأوقاتها، أو عدمِ الوثوق بعهد الله تعالى.

قال الزجَّاج: قولُه: ﴿وَلَا تَتَّبِعَانِّ﴾ موضعُه (٢) جزمٌ؛ والتقديرُ: ولا تتَّبعا، إلا أن النونَ المشدَّدةَ دخلَت على النهي مؤكِّدةً، وكسرَت لسكونها وسكونِ النون التي قبلَها؛ فاختيرَ لها الكسرَةُ؛ لأنها بعد الألفِ تشبه نون التثنيةِ.

واستضعفه ابن الحاجبِ، وحملَ على أنه نفيٌ بمعنى النهيِ؛ فجازَ العطفُ، أو الواو للحالِ، وفعل المضارعِ المنفيّ لا يمنعُ من دخول الواو عليهِ؛ أي: استقيما غير متبِعَين، وهذا أشدُّ ملاءمةً.

وقرئ: ﴿ولا تتَّبعانِ﴾ بتخفيف النون (٣)، (ولا تَتْبعانِ) من تَبعَ (٤).


(١) نسبه الزمخشري إلى ابن جريج، انظر: "الكشاف" (٢/ ٣٦٦).
(٢) "موضعه" سقط من (ك).
(٣) وهي قراءة ابن عامر، ورواية ابن ذكوان عن نافع، انظر: "التيسير" (ص: ١٢٣)، و"النشر" (٢/ ٢٨٦).
(٤) هي رواية الأخفش الدمشقي عن أصحابه عن ابن عامر. انظر: "الحجة" للفارسي (٤/ ٢٩٣)، و"النشر" (٢/ ٢٨٧).