للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَرُدَّ أحدٌ ما أرادَهُ بك من فضلِه وإحسانِه، فكيفَ بالأوثان؟ ليدلَّ على أنه هو الحقيقُ بالعبادةِ دون ما عداهُ.

وفي ذكرِ المسِّ مع الضرِّ والإرادةِ مع الخيرِ مع تلازُمِها إيماءٌ إلى أن المرادَ بالذاتِ هو الخيرُ، ولهذا لا يخلو أحدٌ منهُ، وأن الضرَّ إنما مسَّهم لا بالقصدِ الأولِ.

وفي وضع الفضلِ موضِعَ الضميرِ دلالةٌ على أنه من بابِ الامتنانِ والتفضُّلِ، لا باستحقاقٍ منا (١) واستيجابٍ كالشرِّ، وأكَّدَ ذلك بقولِه:

﴿يُصِيبُ بِهِ﴾ بالخيرِ ﴿مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ وتقديمُ الضميرِ للتهديدِ، والإيماءِ إلى أن عبادةَ الغير توجِبُ المسَّ بالضر، وتعَّرضُ للعقابِ لكونه ظلمًا.

ورَجَحَ (٢) جانبُ الترغيب فيه على جانب الترهيبِ؛ لأن المقصودَ الحثُّ على لجاء (٣) اللهِ تعالى وحدَهُ، والاعتصامِ به.

ولا شكَّ أن داعيَ اللطفِ أيسرُ، والنفوسَ الكريمة إليه أميَلُ، فأوثرَ في الأول لفظُ المسِّ الدالِّ على ملاصقةِ الظاهرِ دون نفوذٍ، ثم في عدمِ التصريحِ بالإرادة زيادةُ لطفٍ، وكذلكَ في قولِه: ﴿فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ وكافيه من أنهُ يكشِفُه لا محالةَ إن لُذتَ بهِ (٤).

وفي الثاني لفظُ الإرادةِ، فجعَلَ المخاطَبَ مرادًا، والخيرَ تابعًا لهُ، وفيه أبلَغُ اللطف.


(١) "منا" ليست في (ك).
(٢) في (ف) و (ك): "راجح".
(٣) في (ف) و (ك): "الجاء".
(٤) "إن لذت به" سقط من (ك)، و"لذت به" سقط من (ف)، و"لذت" تحرف في (م) إلى: "لند"، والمثبت جرى التنبيه عليه في هامش (م) بلفظ: "لعلها لذت"، وهو المناسب لسياق الكلام.