للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يصحُّ تعليلُهُ بالاستخفاءِ، ونظيرُ إضمارِ (يريدون) لقَوْدِ (١) المعنى إلى إضمارِه [الإضمارُ] في قولِه تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى﴾ [البقرة: ٧٣]؛ أي: فضرَبوه فحَيِيَ كذلك يُحيي اللهُ الموتى.

فالمعنى: يظهِرون النفاقَ، ويريدون مع ذلك أن يستخفُوه، هذا على الوجه الأولِ من التفسيرِ، وأما على الثاني فلا حاجةَ إلى الإضمارِ.

﴿أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ﴾: يتغطَّونها يريدونَ الاستخفاءَ أيضًا كراهةً لاستماعِ كلام اللهِ تعالى؛ كقولِ نوحٍ : ﴿جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ [نوح: ٧]، أي: ألا حينَ يَزيدون في إظهارِ نفاقِهم، ويفعلون ما هو أدلُّ عليه من ثَنْي الصدورِ.

قالَ ابنُ عباسٍ : إنها نزلت في أخنسِ بن شريقٍ، وكان يُظهِرُ لرسولِ اللهِ المحبَّةَ، وله منطِقٌ حلو وحسنُ سياقٍ للحديثِ بحيثُ كان يتعجبُ رسول الله من مجالسَتِه ومحادثَتِه، وهو (٢) يضمِرُ خلافَ ما يظهِرُ (٣).

وقيلَ: نزلَت في المنافقين جميعًا (٤)، وكونُ النفاقِ في المدينةِ غيرُ مسلَّمٍ، بل ظهورُهُ والامتيازُ بثلاثِ طوائفَ كان فيها.

﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ﴾ في قلوبهم ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ بأفواهِهم، أرادَ التسويةَ بينهما،


(١) في (ف) و (ك): "لفقد"، وفي (م): "ليفد"، والمثبت من "الكشاف" (٢/ ٣٧٩)، والكلام وما بين معكوفتين منه.
(٢) "هو" من (ك).
(٣) ذكره الزمخشري دون عزو لابن عباس ، انظر: "الكشاف" (٢/ ٣٧٩).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٣١٩) عن الحسن وقتادة وأبي رزين وابن عباس .