للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥) - ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.

﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ﴾: يزوَرُّون عن الحقِّ، وينحرفون عنهُ؛ لأن مَن ازورَّ عن الشيء ثنى عنهُ صدرَهُ، وطَوَى عنهُ كشحَهُ، كما أن مَن توجَّه إليه استقبلَه بصدرِه، أو يعطفُون صدورَهم على الكفرِ وعداوةِ رسولِ اللهِ ؛ أي: يضمرونهما (١).

وقرئ: (تَثْنَوْني صدورُهم) بالتاءِ والياءِ (٢)، من اثنَوْنَى: افعَوْعَل من الثَّنْيِ، كاحْلَوْلى من الحلاوة، وهي مبالغةٌ.

وقرئ: (تَثْنَوِنُّ) بالتاء والياءِ، وأصلُه: تَثْنَوْنِنُ، تَفْعَوْعِلُ من الثِّنِّ، وهو ما هشَّ وضَعُفَ من الكلأ أي: تُطاوعُ صدورهم للثَّني كما ينثني الهشُّ من النباتِ، أو تَضعفُ قلوبهم وإيمانهم.

و: (تَثْنَئِنُّ) من اثْنَأنَّ: افْعَالَّ منهُ ثم هُمِزَ، كابيأضَّ في ابيَاضَّ.

و: (تَثْنَوِي) بوزنِ تَرْعَوِي (٣).

﴿لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾؛ أي: يريدون ليستخفُوا من اللّهِ تعالى فلا يُطْلِعَ رسولَه والمؤمنين على ازْوِرارهم؛ لأن ثَنْيَ الصدورِ بمعنى الإعراضِ إظهارٌ للنفاقِ، فلا


(١) في (ك): "أي يصيرونهما". وفي (م): "أي يضمرونها".
(٢) هما قراءتان نسبت كل منهما لجمع من الأئمة منهم ابن عباس ومجاهد. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٩)، و"الكشاف" (٢/ ٣٧٩)، و"البحر" (١٢/ ٢٠٢).
(٣) انظر هذه القراءات في "الكشاف" (٢/ ٣٧٩) وعنه نقل المؤلف، و"البحر" (١٢/ ٢٠٢)، وقد وقع في النسخ هنا تحريف كثير، صححناه من المصدرين المذكورين، وجميع هذه القراءت مع زيادة عليها ومَن قرأ بكل منها مذكورة في "البحر"، وقد عُنينا بها عناية فائقة وضبطناها كاملة في تحقيقنا للكتاب المذكور والحمد لله.