للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١١) - ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾.

﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ على الضراءِ ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ شكرًا لآلائه سابقِها ولاحقِها، فإن في قوله: ﴿صَبَرُوا﴾ دلالةً على (١) هذا؛ لأن الإيمانَ نصفانِ: نصفٌ صبرٌ ونصفٌ شكرٌ، أي: المؤمنين الذين عادتهم الصبرُ عند زوالِ النعمةِ ووقوع الضرَّاءِ، والشكرُ عند النعماءِ.

استثناءٌ من ﴿الْإِنْسَانَ﴾، واللامُ لاستغراق الجنسِ؛ كما في قولِه: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر: ٢] ومن خصَّ الإنسانَ بالكافرِ بسبق ذكرِهم جعلَ الاستثناء منقطعًا.

﴿أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ لذنوبهم ﴿وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾: ثوابٌ عظيمُ.

* * *

(١٢) - ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾.

﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ هذا على النهيِ؛ أي: لا تترُك بعضَ ما يوحى إليك - وهوَ ما يخالِفُ رأي المشركينَ - مخافةَ ردِّهم واستهزائهم (٢)، وهو كما يقولُ الرجلُ لآخرَ: لعلَّك تريدُ أن تفعلَ كذا، وهو ينهاه (٣) عنهُ، ولما كان مبنَى هذا النهيِ على الصبرِ على أذى المشركِينَ واستهزائهم صحَّ ترتيبُه على كلامٍ تضمَّنَ الحثَّ والتحريضَ على الصبرِ، ومن وهَم أن (لعلَّ) للتوقُّعِ فقد وَهِم.


(١) في (ك): "على أن".
(٢) في (م) زيادة: "به". وفي هامش (ف): "نقله صاحب التيسير عن الإمام أبي منصور، منه".
(٣) في (ف): "نهاه".