في ﴿مَنِ اسْتَطَعْتُمْ﴾؛ أي: فإن لم يستجِب لكم من تدعُونه من دونِ الله إلى المظاهرةِ عن معارضَتِه لعلمِهم أنهم عاجزونَ عن ذلك.
﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ﴾ مُلْتبسًا (١) ﴿بِعِلْمِ اللَّهِ﴾؛ أي: بما لا يعلمُه إلا اللهُ من نظمٍ معجزٍ للخلق.
﴿وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾: واعلمُوا عند عجز الكلِّ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ القادرُ على ما لا يقدِرُ عليه أحدٌ، وأن الشركَ به ظلمٌ، وأن ما تعبدُونه ليس من الألوهيةِ في شيءٍ.
﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ بعد هذه الحجةِ القاطعةِ.
ويجوزُ أن يكون الخطابُ للمسلمينَ، ومعناه: واثبُتوا على العلم بالتوحيدِ، وزيدوا يقينًا؛ فهل أنتم دائمون على الإسلامِ، مخلصون للهِ تعالى بازديادِ اليقين وثباتِ القدم والطمأنينةِ؟
وفي تفسيرِ مقتضى الاستفهامِ بـ (هل)، والعدولِ عن الفعل إلى الجملَةِ، وسبكِ المسلمون من: يُسلمونَ، إيذانٌ بطلبِ دوام الإسلامِ، وقوةِ الثباتِ في الدين، وأنهم مُطالبون بذلك لزوالِ العُذر ووضوحِ الدليلِ وقوَّتِه.
وعلى خطابِ المشركينَ فإشارةٌ إلى أنَّ قوةَ الصارفِ عن الشركِ وقيامَ مُوجِبِ التوحيدِ يقتَضي استحالةَ الشركِ، والمواظبة على الإسلامِ، فما أبعدَ حالَكُم عن ذلكَ! وفيه تهديد بليغٌ، وإقناط من أن يجيرَهم من بأس اللهِ تعالى شركاؤهم؛ لأن دليلَ التوحيدِ دالّ على نفي القدر والألوهيةِ عن الغيرِ، ووجوب الإذعانِ له.