للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٦) - ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾؛ أي: لو حط فما لهم ما بهِ يقابل، لعلهم يكونُ الكلامُ على طريقةِ: بشِّر قاتِلَ الزبيرِ بالنارِ (١).

﴿إِلَّا النَّارُ﴾: وما فيها من أنواع العذابِ، والاقتصارُ على ذكر النارِ من قَبيلِ الاكتفاءِ عن الشيءِ بذكرِ منبَعِه، وذلك لأنهم استوفوا ما يقتَضِيه صورُ أعمالهم الحسنةِ، وبقيَت عليهِم أوزارُ العزائمِ السيئةِ.

﴿وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا﴾: في مصلحةِ الآخرةِ من وجوه البرِّ بنوع من التكليفِ؛ لأنَّه خلافُ مقتضى الطبعِ وهوى النفسِ، ولهذا عبَّرَ عنه بالصنعِ.

وإنما قال فيه: ﴿وَحَبِطَ﴾ لأنَّه ليسَ باطلًا في حدِّ نفسِه لقرينه الآتي ذكرُه، إلا أنه لا يجدِي في الآخرةِ؛ لأنَّه لم يقارِن شرطَ القَبول وهو الإيمانُ.

﴿وَبَاطِلٌ﴾ في نفسِه ﴿مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾: ما اعتادوا عملَه في مصالحِ الحياة الدنيا وأسبابِ زينتِها، وللدلالةِ على الاستمرارِ التجدُّدِي جمعَ بين (كان) وصيغةِ المضارعِ؛ كما في قولِهِ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ ومجموعُ الجملَتين علةٌ لِمَا قبلَها.


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٦٨١)، والطبراني في "الأوسط" (٧٠٧٢)، والحاكم في "المستدرك" (٥٥٨٠)، عن علي من كلامه. ولفظ "المسند" و"المستدرك": "بشر قاتل ابن صفية بالنار".