للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحاجةِ، ولهذا عدَلوا عن دعوى اليقينِ إلى دعوى الظنِّ الكافي في إيجاب العاقلِ لموجَبِه.

* * *

(٢٨) - ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾.

﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ﴾: أخبروني ﴿إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ أي: حجةٍ شاهدةٍ بصحةِ دعواي ﴿وَآتَانِي رَحْمَةً﴾ هي النبوةُ.

﴿فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ﴾: فخَفِيَتْ (١) عليكم البيِّنةُ؛ لأن خفاءَها يوجبُ خفاء النبوةِ؛ إذ النبوَّةُ بعد ظهورِ البيِّنةِ، أو كلُّ واحدةٍ منهما، أو قدِّر ﴿فَعُمِّيَتْ﴾ بعد البينةِ فحذفَ للاختصارِ والاكتفاءِ بذكره مرةً كقولِه:

بينَ ذراعَي وجبهَةِ الأسدِ (٢)

ويجوزُ أن يُرادَ بالبينةِ الرحمةُ مع النبوةِ.

وقرئ: ﴿فَعُمِّيَتْ﴾ بالتشديد (٣)؛ أي: أُخفِيَت.

وقرئ: (فعَمَّاها) (٤) على أن الفعل للهِ تعالى.


(١) في (ك): "خفيت".
(٢) هذا عجز بيت للفرزدق، كما في "خزانة الأدب" (٢/ ٣١٩)، وصدره:
يا من رأى عارضًا أُسَرُّ به
(٣) قرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص بضم العين وتشديد الميم، وقرأ الباقون بفتح العين وتخفيف الميم، انظر: "التيسير" (ص: ١٢٤)، و"النشر" (٢/ ٢٨٨).
(٤) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٥٩).