للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١١٦) - ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ﴾.

﴿فَلَوْلَا كَانَ﴾ (لولا) هنا للتحضيضِ، ضمَّنَها معنى التوجُّعِ والتأسُّفِ الذي ينبغِي أن يقعَ من البشرِ على هذه الأممِ الذي لم تهتَدِ.

﴿مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ﴾: أولو فضلٍ وصبرٍ، وإنما سمِّي بقيةً لأن الرجل يستبقِي مما يخرجِهُ (١) أجودَه وأفضلَهُ، فصارَ مثلًا في الجودة والفضلِ، ومنه قولهم: في الزوايا خبايا، وفي الرجالِ بقايا، وقوله في العباس : "هذا بقيَّةُ آبائي" (٢).

ويجوزُ أن يكونَ مصدرًا كالتقيَّة (٣)؛ أي: ذوو إبقاءٍ على أنفُسِهم وصيانةٍ لها من العذابِ، ويؤيدهُ أن قرئ: (بَقْيَةٍ) (٤)، وهي المرةُ مصدرُ بَقَاه يَبْقِيهِ: إذا راقبه.

﴿يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾؛ أي: ولكنَّ قليلًا ممن أنجينا من القرونِ نهوا عن الفساد وأكثرُهم تاركون للنهيِ، على أن (مِن) للبيانِ لا


(١) في (ف): "مما يحترمه".
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٢٢١٢) عن مجاهد مرفوعًا مرسلًا، والطبراني في "الكبير" (١١١٠٧) من حديث ابن عباس، وفي "الأوسط" (٤٢٠٩) من حديث الحسن بن علي، ، وفي إسناديهما ضعف.
(٣) انظر: "تفسير البيضاوي" (٣/ ١٥١). وعند غير البيضاوي فيه تفصيل، ولفظه: (ويجوز أن تكون البقيةُ بمعنى البقوى كالتقية بمعنى التقوى). انظر: "الكشاف" (٢/ ٤٣٧)، و"تفسير أبي السعود" (٤/ ٢٤٦)، و"روح المعاني" (١٢/ ١٥٥).
(٤) ذكرها الزمخشري دون نسبة، انظر: "الكشاف" (٢/ ٤٣٧).