﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى﴾ اللامُ لتأكيدِ النفي ﴿بِظُلْمٍ﴾ حالٌ من الفاعلِ، والتنكيُر للتعظيمِ، والإشارةِ إلى أن إهلاكَ المصلِحينَ ظلمٌ عظيمٌ، ولذلكَ أكدَ النفيَ باللامِ، وكذا إن فسِّرَ الظلمُ بالشركِ، والباء للسببيةِ؛ أي: لا يهلِكُكم بسببِ ظلمٍ أعظمَ منهُ.
﴿وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾: حالَ كونِهم مصلِحين ما بينَهم بالعدالةِ؛ لكمالِ رأفَتِه ورحمَتِه بالعبادِ ومساهلَتِه في حقِّهِ، ومن ثمةَ قدَّمَ الفقهاءُ عند تزاحُمِ الحقوقِ حقوقَ العبادِ؛ أي: وما صحَّ أن يهلِكَ ربُّكَ القرى ظالمًا لها تنزيهًا لذاتِه من الظلمِ، أو بسببِ شركِ أهلِها ما لم يضمُّوا إلى الشركِ إفسادًا فيما بينهُم، ولذلك قيلَ: المُلك يبقَى مع الكفرِ، ولا يبقَى مع الظلمِ.
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ على ملةِ الإسلام كُلِّهم، وهو دليل على أن الأمرَ لا يستلزِمُ الإرادةَ، وأنَّه تعالى قادرٌ على إيقاعِ ما أرادَهُ في الخصوصِ المذكورِ، وأمَّا أنَّ كلَّ ما أرادَهُ يجِبُ وقوعُه فلا دلالةَ فيما ذُكِر عليهِ.