للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣) - ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾.

﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ﴾ موصولةً بالمتَّقينَ (١) على أنَّه صفةٌ مجرورة، أو مدحٌ منصوبٌ بتقدير: أعني أو أمدحُ، أو مرفوعٌ بتقديرِ: هم.

وأمَّا فصْلُه عنه على أنَّه مرفوعٌ بالابتداء مخبَرٌ (٢) عنه بـ ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى﴾ فضعيفٌ (٣)؛ لانفلاته ممَّا قبلَه، والذَّهابِ به مذهبَ الاستئنافِ، مع وضوح اتِّصاله بما قبلَه وتعلُّقِه به، ومبْنى الاستئنافِ على تقدير أن يُسألَ: ما بالُ المتَّقينِ مخْصوصينَ بذلكَ؟ فلا يتِمُّ الجواب إلَّا بمجموعِ القصَّتينِ، فيكونُ القطْعُ بينَهما لكمال الاتِّحاد، والظَّاهرُ أنَّه لكمال الانفصالِ في الغَرضِ والأسلوب، على ما شهِد لذلك تصديرُ القصَّة الثَّانية بـ (إنَّ) المشعرةِ بالأخذ في فنٍّ آخرَ.

والإيمان: إفْعالٌ من الأمْن، يقال: أمِنْتُه، وآمَنَنيه غيري، ثم نُقل إلى التصديق فقيل: آمَنَه [إذا صدَّقه، وحقيقتُه: آمَنه] (٤) التكذيبَ والمخالفة، ثم ضُمَن معنى أقرَّ واعترفَ فعُدِّي بالباء.

﴿بِالْغَيْبِ﴾؛ أي: بما غاب عن الحسِّ والعقل غيبةً كاملة حيثُ لا يُدركه واحدٌ منهما لا بالبديْهة ولا بالاستدلال، يعني: أحوالَ البعثِ والجنَّة والنار؛ كما في قوله تعالى: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المعارج: ٢٢ - ٢٦].


(١) في "ح " و"ف" و"ك" و"م": (للمتقين)، والمثبت من "د". وجاء في هامشها: (فيه رد للقاضي التفتازاني)، ومثله في هامش "م" لكن فيه: (للفاضل) بدل: (للقاضي).
(٢) في "م": "مخبراً".
(٣) في "م": (ضعيف)، وجاء في هامشها وهامش "ف": (فيه رد للزمخشري والبيضاوي ومن تبعهما. منه).
(٤) ما بين معكوفتين من "الكشاف" (١/ ٣٨).