للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأيضاً لمَّا ذَكَر البدنيّةَ مطلقةً شاملةً للواجبة منها وغيرِ الواجبة، ناسَبَ أنْ يَذكرَ الماليةَ أيضاً على وجهِ الإطلاق.

والرِّزقُ: اسمٌ لكلِّ ما يَنْتفِعُ به الحيوانُ، وأصله: الحظُّ والنَّصيب مِن أَيِّ نوعٍ كانَ، ثمَّ شاع إطلاقُه (١) على ما أعطى اللهُ تعالى عبْدَه ومكَّنه من التَّصرُّف فيه حلالاً كان أو حراماً؛ لقوله : "لقد رَزَقكَ اللهُ طيِّباً، فاخترتَ ما حَرَّم اللهُ عليكَ مِن رِزقه مكانَ ما أحلَّ اللهُ لكَ مِن حلالهِ" (٢).

وأمَّا ما قيلَ: لو لمْ يكنْ الحرامُ (٣) رِزقاً لم يكنْ المُغذَّى به طولَ عُمُره مَرزوقاً، وليسَ كذلكَ؛ لقولهِ تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦].

فيَرِدُ عليهِ: أنَّ الملازمةَ مسلَّمةٌ، وكذلكَ بُطلانُ التَّالي مسلَّمٌ إنَّما الشَّأن في وقوع المقدَّم فافْهَم.

نَعمْ هو محمولٌ هاهنا على المُباح دونَ المحظورِ، بقرينة إضافتهِ إلى الله تعالى، فإنَّ ما يُضاف إليهِ تعالى بخصوصه مُفصَّلاً حقُّه أنْ يكونَ خالياً عن الكراهة فضْلاً عن الحُرمةِ، وإنْ كان قد تُضاف إليه الأفعالُ كلُّها على سبيل العمومِ والإجمال.


(١) كلمة: (إطلاقه) من "د" و"م".
(٢) رواه ابن ماجه (٢٦١٣) من حديث صفوان بن أمية ، وفيه قصة. وفي إسناده يحيى بن العلاء البجلي وبشر بن نمير، وهما متهمان متروكان. قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة يحيى ابن العلاء: قال أبو حاتم: ليس بالقوي، وضعفه ابن معين وجماعة، وقال الدارقطني: متروك، وقال أحمد بن حنبل: كذاب يضع الحديث، وروى عباس عن يحيى: ليس بثقة. ثم ذكر هذا الحديث وقال: وبشر هالك، فلعل الحديث من وضعه.
(٣) في "ح " و"ف" و"م": (الحلال). والصواب المثبت. انظر: "تفسير أبي السعود" (١/ ٣١).