﴿مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ لأنهم أعلمُ وأحلمُ من أهل البدو، فإن فيهم الجهلَ والجفاءَ والقسوةَ، ولا دلالة في قوله: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾ على أن يعقوب ﵇ من أهل البدو، وإنما دلالته على أنه ﵇ كان في البدو ساكنًا لمصلحة مواشيه.
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من المكذِّبين بالرسل والآيات، فيَحْذَروا تكذيبَك، أو: من المشغوفين بالدنيا المتهالِكِين عليها فينقلبوا عن حبها.
﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾؛ أي: دارُ الساعة أو الحياة أو الحالة الآخرة ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الشركَ والمعاصيَ، حضٌّ على العمل لدار الآخرة والاستعداد لها.
﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: يستعملون عقولهم ليعلموا أنها خير، وقرئ بالتاء (١) حملًا على قوله: ﴿هَذِهِ سَبِيلِي﴾، أي: قل لهم: أفلا تعقلون.
﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ غايةٌ لمحذوفٍ دل عليه الكلام، أي: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا مثلَكَ يبلِّغون الرسالة ويوضِّحون الدلالة، فتراخى نصرُهم حتى إذا استيأسوا عن النصر وعن إيمان قومهم ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ أي: كذَبتهم أنفسُهم حين حدَّثتهم بأنهم ينصرون، أو كذَبهم قومهم بوعد الإيمان؛
(١) قراءة عاصم وابن عامر ونافع. انظر: "التيسير" (ص: ١٣٠).