للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ لأنهم أعلمُ وأحلمُ من أهل البدو، فإن فيهم الجهلَ والجفاءَ والقسوةَ، ولا دلالة في قوله: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾ على أن يعقوب من أهل البدو، وإنما دلالته على أنه كان في البدو ساكنًا لمصلحة مواشيه.

﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من المكذِّبين بالرسل والآيات، فيَحْذَروا تكذيبَك، أو: من المشغوفين بالدنيا المتهالِكِين عليها فينقلبوا عن حبها.

﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾؛ أي: دارُ الساعة أو الحياة أو الحالة الآخرة ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ الشركَ والمعاصيَ، حضٌّ على العمل لدار الآخرة والاستعداد لها.

﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾: يستعملون عقولهم ليعلموا أنها خير، وقرئ بالتاء (١) حملًا على قوله: ﴿هَذِهِ سَبِيلِي﴾، أي: قل لهم: أفلا تعقلون.

* * *

(١١٠) - ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾.

﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ﴾ غايةٌ لمحذوفٍ دل عليه الكلام، أي: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا مثلَكَ يبلِّغون الرسالة ويوضِّحون الدلالة، فتراخى نصرُهم حتى إذا استيأسوا عن النصر وعن إيمان قومهم ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ أي: كذَبتهم أنفسُهم حين حدَّثتهم بأنهم ينصرون، أو كذَبهم قومهم بوعد الإيمان؛


(١) قراءة عاصم وابن عامر ونافع. انظر: "التيسير" (ص: ١٣٠).