للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: لا يغرَّنَّ قريشًا تمادي أيامهم، فإن الرسل قبلك قد تطاول عليهم مدةُ التكذيب وعداوةُ الكفار وانتظارُ النصر، حتى استشعروا القنوط، وتوهَّموا أن لا نصرة لهم في الدنيا.

وعن ابن عباس : وظنوا حين ضعُفوا وغُلبوا أنهم قد أُخلفوا ما وعدهم من النصر، وقال: كانوا بشراً، وتلا قوله تعالى: ﴿وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢١٤]، وقد رواه البخاري في "صحيحه" (١).

فقيل في تصحيحه: أراد بالظن ما يَهْجس في القلب على سبيل الوسوسة وحديثِ النفس بحكم البشرية، لا الظنَّ بمعنى الاعتقاد الراجح فإنه غيرُ جائز على آحاد المسلمين فكيف بالرسل؟

ويجوز أن يراد به المبالغةُ في التراخي والإمهال على سبيل التمثيل.

وقيل: فظن المرسَلُ إليهم أن الرسل قد كذِبوا؛ أي: أُخلفوا.

وقيل: الضميران للمرسل إليهم؛ أي: ظنَّ المرسل إليهم أنهم قد كُذبوا من جهة الرسل؛ أي: كذَبهم الرسلُ (٢) في أنهم يُنصرون عليهم.

وقرئ بالتشديد (٣)؛ أي: وظنَّ الرسل أنهم قد كذَّبهم قومهم فيما أَوعدوهم من العذاب والنصرة عليهم.


(١) رواه البخاري (٤٥٢٤)، والطبري في "تفسيره" (١٣/ ٣٩٣). وانظر: "الكشاف" (٢/ ٥١٠)، وعنه نقل المؤلف.
(٢) "أي كذبهم الرسل" من (م).
(٣) قراءة عاصم وحمزة والكسائي. انظر: "التيسير" (ص: ١٣٠).