للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ بالحفظ والتدبير، ولفظة ﴿ثُمَّ﴾ مستعارةٌ للتراخي في الرتبة.

﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَر﴾، أي: ذلَّلهما وجعلهما طائعَين له غيرَ ممتنعَينِ عليه، وقصَرهما على سَنَنٍ واحد لمنافع عباده ومصالح بلاده؛ لما يوجد بهما من الآثار في الحبوب والثمار.

﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾، أي: كلٌّ منهما يجري لمدةٍ معيَّنة يتم فيها دورُه، فالقمرُ (١) يقطَع الفُلْك في شهرٍ، والشمس في سنةٍ، لا يختلف جَرْيُ واحد منهما كما قال: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ [يس: ٣٨]، وقال: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾ [الرحمن: ٥]، أي: بحسابٍ (٢) معلوم لا يختلف.

وهذا أيضًا من جملة التدبيرات لمنافع العباد ومصالح البلاد، بخلاف ما قيل: يجري لغاية مضروبة ينقطع دونها سيرُه، وهي: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ فلا يناسب الفصلَ به بين التسخير والتدبير، ثم إن غايتهما المذكورةَ متحدةٌ، والتعبير بـ ﴿كُلٌّ يَجْرِي﴾ صريح في التعدُّد، وما للغاية (إلى) دون اللام.

﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾: يدبر أمر ملكوته وربوبيَّته في الإيجاد والتصريف نحو المراد.

﴿يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾؛ أي: يأتي بالآيات الدالة على القدرة والتدبير فصلًا فصلًا للتمكُن من تدبُّر كل آيةٍ على حِدَةٍ.


(١) في (ف) و (ك): "كالقمر".
(٢) في (ك): "بحسبان ".