للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾ فإنَّ مَن تدبَّر هذه الآيات وتفكَّر فيها أيقن أنَّ مَن قدر على خلق هذه الأشياء وتدبيرها قدر على الإعادة والجزاء، فلا بد من الرجوع إليه بمقتضَى وعده.

والجملتان إما حالان من الضمير في قولِه: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ وقولُه: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ من تتمته؛ لأنَّه تقريرٌ لمعنى الاستواء وتبيينٌ له، وإما مفسِّرتان له.

وفي تعقيب الأوائل بهما (١) للإيقان، والثواني بقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (٢) من فضل السوابق لإفادتها اليقين (٣)، واللواحقُ ذرائع إلى حصوله، لأن الفكر آلتُه، والإشارة إلى تقدم الثواني بالنسبة إلينا مع التأخر رتبةً، وكلُّ ذلك فائت على تقدير جعل الموصول وصفًا.

لمَّا قرر الدلائل السماوية أردفها بتقرير الدلائل الأرضية فقال:

(٣) - ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ﴾؛ أي: بسطها طولًا وعرضًا ليُثبِّت فيها الأقدام، ويتقلَّبَ عليها الحيوان، ولمَّا كان مَظِنّةَ أن يقال: لولا ما فيها من الجبال لكان الثبات فيها أيسرَ، ومواضعُ التقلُّب فيها (٤) أكثر، دفعه ببيان الفائدة في خَلْقها بقوله:


(١) أي: بقوله: ﴿يُدَبِّرُ﴾ ﴿يُفَصِّلُ﴾. انظر: "روح المعاني" (١٣/ ١٨)، والكلام منقول من "الكشف" كما صرح الآلوسي. وهو "الكشف على الكشاف" للقزويني.
(٢) في النسخ: "إن في ذلك لآيات لمن يتفكر"، والمثبت من المصدر السابق.
(٣) في (ك): "التعين "، وفي (ف) و (م): "التعيين"، والمثبت من المصدر السابق.
(٤) "فيها": ليست في (م).