للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾ من الرُّسُوِّ، وهو ثبات الجسم الثقيل وقرارُه، ومنه: أرسى السفينة، والمرسى.

كانت الأرض مضطربةً فثقَّلها الله تعالى بالجبال في أحيازها فزال اضطرابها، كذا قيل.

ولمَّا غلب على الجبال وصفُها بالرواسي صارت الصفةُ تُغني عن الموصوف، فجُمع جَمعَ الاسم؛ كحائطٍ وحوائطَ، وكاهلٍ وكواهلَ.

والتحقيق: أنَّ (فاعل) يجمع على فواعِلَ إذا كان لغير الآدميين؛ نصَّ عليه الجوهري حيث قال: إنَّ فواعلَ جمع فاعلةٍ نحو: ضاربة وضوارب، أو جمع فاعل إذا كان صفةً للمؤنث مثلَ: حائض وحوائض، أو ما إذا كان لغير الآدميين مثل: جملٍ بازلٍ وجمالٍ بوازلَ، وحائطٍ وحوائطَ، فأما مذكَّر ما يعقل فلم يجمع عليه إلا فوارسُ وهوالكُ ونواكسُ (١).

وبهذا التفصيل تبيَّن فساد ما قيل: رواسي جمع راسية، والتاء للتأنيث على أنها صفة أجبُلٍ أو للمبالغة (٢).

﴿وَأَنْهَارًا﴾ الأنهار: المجاري الواسعة، والمراد: ما يجري فيها من المياه، وفي ضمِّها إلى الجبال وتعليقِ الفعل الواحد بهما إيماءٌ إلى أن الجبال أسبابٌ لتولُّدها ولهذا كثُر قِرَان ذكرها بذكرها في القرآن.


(١) انظر: "الصحاح" (مادة: فرس).
(٢) من قوله: "والتحقيق .. " إلى هنا من (م)، ووقع في هامش (ف). وبعده في (م): "إلى هاهنا". وانظر تفصيل الكلام فيه في "روح المعاني" (١٣/ ٢٣).