للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ متعلق بـ ﴿جَعَلَ﴾ في قوله: ﴿جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾؛ الزوج (١) قد يكون اسمًا للشفع، وقد يكون اسمًا (٢) للفرد المقارب لشبهه، فأتبعه ﴿اثْنَيْنِ﴾ ليُعلم أنه لم يُرد به الشفع؛ أي: جعل من أنواع الثمرات فيها صنفين متقابلين؛ كا لأبيض والأسود، والحلو والحامض، والكبير والصغير.

وأما ما قيل: خلق فيها من جميع أنواع الثمرات زوجين زوجين حين مدَّها، ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوَّعت، ففيه أنه دعوى بلا دليلٍ، مع أن الظاهر خلافُه، فإن النوع الناطق المحتاجَ إلى الزوجين خُلق ذَكَرُه أولًا، فكيف في الثمرات وتكوُّنُ واحدٍ من كلٍّ أولًا كافٍ في التولُّد؟

وعبارة ﴿كُلِّ﴾ للتكثير، لا للإحاطة حتى يلزم أن يوجد في الأرض صنفين من أنواع الثمرات التي في حيِّز الإمكان.

﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ﴾ استعارةٌ تَبَعية؛ فإنه شبَّه إخفاء نور الجو وسترَه بالظلمة التي بالتغشية (٣)، أي: يغطِّي الليلُ النهارَ فيُذهب ضوءَه، ويغشَى النهارُ الليلَ فيُذهب ظلمتَه، فهو مختصر في الذكر مراد في المعنى بدلالة نظائره.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فيها، فإن تكوينها وتخصيصَها بوجه دون وجهٍ (٤) دليل على وجود قادر مختار.

* * *


(١) في (ف): "أي الزوجين"، وفي (م): "إذ الزوج".
(٢) "اسمًا"من (م).
(٣) أي: استعارةٌ تبعيةٌ تمثيليةٌ مبنيَّةٌ على تشبيه إزالةِ نورِ الجو بالظلمة بتغطية الأشياءِ الظاهرةِ بالأغطية. انظر: "تفسير أبي السعود" (٥/ ٤)، وعبارة النسخ فيها بعض الغموض، لعل سببه سقط أو تحريف.
(٤) "دون وجه" من (م).