للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥) - ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾.

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا﴾؛ يعني: اليدَ والعصا وسائرَ معجزاته.

﴿أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ ﴿أَنْ﴾ مفسِّرة معناها: أي؛ لأنَّ في الإرسال (١) معنى القول؛ أي: أرسلناه وقلنا له: أَخْرِج. أو مصدرَّية؛ أي: أرسلناه بأنْ أخرج؛ لأن صيغ الأفعال في الدلالة على المصدر سواءٌ، فيصح وصلها بالأمر كوصلها بالخبر، وأن يُوصل بها (أنْ) النَّاصبة.

﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾: بنعمائه وبلائه. ذكره ابن عباس (٢)، وهو الموافق لقو له تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ والقرآن بعضُه يفسِّر البعض.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ على بلاء الله ﴿شَكُورٍ﴾ على نعمائه، فإنَّه إذا سمع بما أنزل الله تعالى على الأمم من البلاء، وأفاض عليهم من النِّعم، اعتبر وتنبَّه على ما يجب عليه من الصَّبر والشُّكر.

وقيل: لكل مؤمن؛ لأن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر.

وإنَّما قدَّم الصَّبر على الشُّكر لأنّه أشقُّ منه، فهو بالاهتمام أحقُّ. والعدول عن الصَّبور مع مناسبته للشَّكور؛ لأنَّه في مقام الحثِّ والتَّحريض بأبلغ صيغتي المبالغة أليقُ.

* * *


(١) في (م) و (ك): "الرسالة".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ١٠٧).