للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو وضعوها على أفواههم ضحكًا واستهزاءً كمن غلب عليه الضَّحك فوضع يده على فيه، أو إسكاتًا للأنبياء وإشارةً عليهم بالسُّكوت، أو ردُّوها في أفواه الأنبياء لذلك (١)، أو وضعوها على أفواههم أيسكتونهم، ولا يذرونهم يتكلَّمون.

أو الأيدي جميع يد، بمعنى النِّعمة؛ أي: ردوا أياديهم من التَّوحيد والمعارف والشَّرائع والنَّصائح - التي هي أجَلُّ النِّعَم - في أفواههم؛ لأنهم إذا لم يَقبلوها وكذَّبوها فكأنَّهم ردُّوها إلى حيث جاءت منها على طريق التَّمثيل.

ولا يذهب عليك أن الأَوَّلَين (٢) لا يطابقان المقام؛ فإنَّه (٣) يَحكي أوَّل ما جاءهم بالبيِّنات إلى آخر ما ينتهي إليه حالهم، وذانك بعد التَكرار، وأيضًا الرَّدُّ ينبئ عن التَّكرار، وليس، وحاصل (٤) الرَّابع والخامس ما ذكر ثالثًا، لكنَّ الرَّدَّ لا يلائم الثَّالث والخامس، والمعتاد في الإسكات ما في الثَّالث لا ما في الخامس، والسَّادس غير ظاهر الدِّلالة لما فيه من نوع تعقيدٍ، والأيدي بهذا المعنى قليلة الاستعمال، وذِكْرُ الرَّد والأفواه يلائم الجارحة.

﴿وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ التَّأكيد في ﴿إنَّا﴾ ﴿وَإِنَّا﴾ للإقناط، والمبالغة في الرَّدِّ والتَّكذيب، والمراد مما (٥) أرسلتم به: الكتبُ والشَّرائع، ومما تدعوننا إليه: التَّوحيد، فتردُّدهم في الثاني لا ينافي قطعهم في الأول.


(١) أي: يشيرون لهم بالسكوت. انظر: "الكشاف" (٢/ ٥٤٢)، والكلام وما سيأتي بين معكوفتين منه.
(٢) في (م): "الأولان".
(٣) أي: المقام.
(٤) في (ف): "حاصل".
(٥) في (م): "بما".