للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ عطف على ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾، وقوله: ﴿لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ﴾ اعتراض، أو مبتدأ خبره ﴿لَا يَعْلَمُهُمْ﴾ والجملة اعتراض، والمعنى: أنهم من الكثرة بحيث لا يُعلم عددهم (١)، كأنه يقول: دع التَّفصيل فإنه لا مطمَع في الحصر.

قيل: ولهذا كان ابن مسعود إذا قرأها (٢) قال: كذَب النَّسَّابون (٣). أي: في دعوى علم الأنساب؛ لأن الله تعالى قد نفى علمها عن العباد.

وفيه نظر؛ لعدم دلالةٍ فيه على نفي علم الأنساب مطلقًا (٤)، إنما دلالتُه على نفي علم جميع الأنساب، ولم (٥) يدَّعه أحدٌ من النَّسَّابين.

﴿جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾: أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقت به من قولهم: ﴿إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ على زعمكم (٦)، أي: هذا جوابنا لا غير؛ إقناطًا لهم من التصديق.

قيل: عضُّوها غيظًا وحنقًا (٧) مما جاءت به الرُّسل؛ كقوله: ﴿عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [آل عمران: ١١٩].


(١) في (ف): "عدهم".
(٢) في (ف): "أقرأها".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٢/ ٦٠٤). وانظر: "الكشاف" (٢/ ٥٤٢).
(٤) "مطلقًا"من (م).
(٥) في (ف): "ولم يعد".
(٦) أي: أشاروا إلى جوابهم هذا، كأنهم قالوا: هذا جوابنا لكم ليس عندنا غيره، فضمير ﴿أَيْدِيهِمْ﴾ و ﴿أَفْوَاهِهِمْ﴾ إلى الكفار، والأيدي على حقيقتها، والرد مجاز عن الإشارة. انظر: "روح المعاني" (١٣/ ٢٣٠).
(٧) في (م): "وتجنبًا"، وفي (ف): "وضعًا". وفي "الكشاف" (٢/ ٥٤٢): "وضجرًا".