للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجه الأوَّلويَّة والأوليَّة (١)، وإشعارٌ بأنَّ قضية الإيمان وجوب التَّوكُّل على الله تعالى، فأمروا المؤمنين كلَّهم به، والمراد أمرهم أنفسهم.

وفيه نزولٌ عن حقِّهم وتواضع وهضمٌ لأنفسهم، حيث نزلوا إلى مراتب آحاد المؤمنين، ومبالغةٌ في وجوبه عليهم، كأنّهم قالوا: ومنْ حقِّنا أن نتوكَّل على الله في الصَّبر على معاندتكم ومعاداتكم، فإنَّ ذلك حقُّ كلِّ مؤمن، فكيف بالأنبياء؟!

* * *

(١٢) - ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾.

ألا ترى إلى قولهم: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ﴾؛ أي: وأيُّ عذرٍ لنا في أنْ لا نتوكَّل عليه.

﴿وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا﴾ وقد فعل بنا ما يوجب توكُّلَنا عليه، وهو التَّوفيق لهداية كلٍّ منا سبيلَه الذي يجب عليه سلوكُه في الدِّين حتى عرَفه وعلم أنَّ الأمر كلَّه بيده.

﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا﴾ جواب قسم محذوف أكَّدوا به توكُّلهم على الله تعالى فيما يجري عليهم من إيذاء الكفار، وعدمَ مبالاتهم على سبيل الاعتراض.

﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ تكرير الأمر بالتَّوكُل؛ للتَّأكيد، ووجوبِ الثَّبات عليه بعد استحداثه، والفاء للسَّببية (٢) في الموضعَيْن لأنّه مسبَّب عن الإيمان.

* * *


(١) "والأولية" ليست في (ف).
(٢) في (ف) و (م): "السببية".