للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويدلُّ عليه ما روى أبو هريرة أنَّه قال: "تُبدَّلُ الأرضُ غير الأرض (١) فتبسَطُ وتمدُّ مَدَّ الأديم العكاظي، لا ترى فيها عِوجًا ولا أمتًا" (٢).

واعلم أنه لا يلزم على الوجه الأول أن يكون الحاصل بالتَّبديل أرضًا وسماءً على الحقيقة، ولا يبعد على الثاني أن يجعل الله تعالى الأرض جهنَّم والسَّماوات الجنَّة على ما أشعرَ به قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [المطففين: ٧]، وقوله: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ﴾ [المطففين: ١٨].

﴿وَبَرَزُوا﴾ من أجداثهم ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ لما كان البروز مسوقًا للوعيد كان الوصفان المذكوران ترشيحَيْن له ببيان شدَّة الأمر في ذلك اليوم، كقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦]؛ لأنَّ الأمرَ والملكَ إذا كان لواحدٍ لا


(١) "غير الأرض" من (م).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٧٣٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٩٣١). وذكره ابن كثير في "تفسيره" (٢/ ١٤٨ - ١٥٠) عن الطبراني في "المطولات"، ونقل عنه قوله: هذا الحديث مشهور وهو غريب جدًا ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة، تفرد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختلف فيه فمنهم من وثقه ومنهم من ضعفه، ونص على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة كأحمد بن حنبل وأبي حاتم الرازي وعمرو بن علي الفلاس، ومنهم من قال فيه: هو متروك، وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء.
ثم قال ابن كثير: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، وقد أفردتها في جزء على حدة، وأما سياقه فغريب جدًّا، ويقال: إنه جمعه من أحاديث كثيرة وجعله سياقًا واحدًا، فأنكر عليه بسبب ذلك، وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: إنه رأى للوليد بن مسلم مصنفًا قد جمعه كالشواهد لبعض مفردات هذا الحديث. فالله أعلم.