للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مُبِينٌ﴾ للحُجَّة على خصمه، مميِّزٌ للحقِّ عن الباطل، فهو صفة مدح؛ أي: نقله من تلك الحالة الخسيسة إلى هذه الحالة الشَّريفة، وهي حالة النُّطق والإبانة، ويؤيِّده التَّعقيب بذكر ما امتنَّ به عليه في قِوَام معيشته.

وقيل: معناه: مكافحٌ لخالقه، قائلٌ: ﴿مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس: ٧٨]، فهو صفةُ ذمٍّ.

ويأباه التَّوصيف بالإبانة، ولا يساعده سباق الكلام ولحاقه ومَساقه؛ فإنه للدلالة على كمال القدرة والإرادة.

* * *

(٥) - ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾.

﴿وَالْأَنْعَامَ﴾ ذكر أوَّلًا ما هو أكثر منفعةً وألزمُ لمن أُنزل القرآن بلغتهم، وقد شرح الأنعام في سورة الأنعام.

وانتصابُها بمضمَر يفسِّره قولُه: ﴿خَلَقَهَا﴾، و ﴿لَكُمْ﴾ في قوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ خبر مقدم لـ ﴿دِفْءٌ﴾، و ﴿فِيهَا﴾ حالٌ منه، والجملةُ بيان لِمَا خُلِقَ له.

أو بالعطف (١) على ﴿الْإِنْسَانَ﴾، و ﴿خَلَقَهَا لَكُمْ﴾ بيانُ ما خُلِقَ لأجله، ﴿دِفْءٌ﴾ مبتدأ خبره ﴿فِيهَا﴾، والجملة مع ما بعدها تفصيلٌ لما خلق له (٢).

والدِّفءُ: ما يدفَّأُ به؛ أي: يسخَّن فيقي (٣) البرد.


(١) قوله: "بالعطف" عطف على "بمضمر"؛ أي: أو انتصابها بالعطف.
(٢) وفي الإعراب لهذه الجملة وجوه أخر ينظر شرحها ومناقشاتها في "البحر" (١٣/ ٣٠٥)، و"روح المعاني" (١٤/ ٢٣).
(٣) في (ك): "فينفي".