﴿تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ لأنَّه موجِدٌ للعالَم كلِّه، وكلُّ ما سواه مفتقرٌ إليه، فهو المتعالي عن رتبة الكلِّ.
والتَّحقيق: أنَّ قوله: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ تنبيهٌ وإيقاظٌ؛ ليكون ما يَرِدُ بعدَه مُمَكَّنًا في نفسٍ حاضرةٍ ملقيةٍ إليه، وهو تمهيدٌ لِمَا يَرِد (١) مِن دلائل التَّوحيد، وقولَه: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ﴾ تفصيلٌ لِمَا أجملَه في قوله: ﴿﷾﴾، أيقظَ أوَّلًا ثمَّ نعَى عليهم ما هم فيه من الشِّرك، ثم أردفه بدلائل السَّمع والعقل، وقدَّمَ السَّمعيَّ لأنَّ صاحبه هو القائم بتحرير العقل وتهذيبه أيضًا، فليس النَّظر إلى دليل السَّمع، بل إلى مَن قام به من الملائكة والرُّسل ﵈.
﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ﴾، لا حسَّ لها ولا حراك، سيَّالةٍ لا تحفظ الوضع والشَّكل.
﴿فَإِذَا هُوَ﴾ عطفُه على ما تقدَّم باعتبار أنَّ المراد من خَلْق الإنسان: إيجادُه وتربيتُه إلى أن يبلغ حَدَّ النُّطق والإدراك، فأداتا التَّعقيب والمفاجأة أصابتا المحزَّ.
﴿خَصِيمٌ﴾: مِنطيقٌ مجادلٌ عن نفسِه في الخِصام.
(١) في النسخ: "يريد"، والمثبت من "روح المعاني" (١٤/ ١١)، والكلام منقول من "الكشف" كما صرح الآلوسي.