للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ الجمهور على أنَّ هذا في حكم الآخرة خاصَّة، وقالت فرقة: إنه في حكم الدُّنيا والآخرة. ذكره القرطبي (١).

وعلى كلَا التَّقديرَيْنِ لا دلالة فيه على أنَّه لا وجوب قبل الشَّرع: أمَّا على الأوَّل فظاهر، وأمَّا على الثَّاني فلأنَّه لا يلزم من تعليقِ مجموع الحكمَيْن على البعثة تعليقُ كلٍّ منهما عليها.

وإنَّما نفى الكينونة دون البعث لأنَّ المراد الإخبار عن عادته تعالى لا الوعدُ، فعدمُ العذاب مقطوع به إلى وقت البِعْثَة.

وكلمة ﴿حَتَّى﴾ لبيان غاية الأمن عن العذاب، لا لبيان (٢) غاية عدم العذاب حتى يتعيَّنَ العذاب عند البعثة.

ولَمَّا ذكر تعالى أنَّه لا يعذِّب أحدًا حتى يبعثَ إليه رسولًا بَيَّنَ بعدَ ذلك علَّة (٣) إهلاكهم بعد البعث - وهي مخالَفة أمر المبعوث إليهم - فقال:

(١٦) - ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾.

﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً﴾ أي: إذا تعلَّقَ إرادتُنا في الأزل لإهلاك قريةٍ بما فيها في وقتٍ مخصوصٍ.

﴿أَمَرْنَا﴾ أي: وُجِدَ منَّا الأمر قبلَ مجيء (٤) ذلك الوقت.


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (١٣/ ٤٣).
(٢) "غاية الأمن عن العذاب، لا لبيان" سقط من (م).
(٣) "علة" من (ك).
(٤) "مجيء" من (م).