للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿مُتْرَفِيهَا﴾: منعَّميها (١)، خصَّهم بالذِّكْرِ - مع عموم الأمر (٢) للفريقَيْن بدلالةِ أنَّ الكلام في بيان سبب استحقاق أهل القرية لعذاب الاستئصال - لأنهم الرؤساء المتبوعون، ولأنهم مأمورون بنوعي العبادة البدني والمالي.

﴿فَفَسَقُوا﴾ فَوُجِدَ (٣) الفِسْقُ - وهو الخروج عن الطَّاعة - منهم؛ أي: من أهل القرية كلِّهم؛ لِمَا نبَّهْتُ على أنَّ غير المتوفين أيضًا مأمورون، لكنه استغنى بذكر المتوفين عن غيرهم كما اكتفى بذكر الملائكة عن ذكر الجنِّ في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا﴾ [الإسراء: ٦١] على ما مرَّ تحقيقه في تفسير سورة البقرة.

وقرئ: (أَمِرْنا) (٤)، بمعنى: كثَّرنا، لقول العرب: أَمِرَ القومُ - بكسر الميم -؛ أي: كثروا، وأمَرهم اللّه - بالفتح -، أي: كثَّرهم، فصارَتِ الحركة مما يصير به الفعل متعدِّيًا، كما في شَتِرَتْ عينُ الرَّجل بكسر التَّاء، وشَتَرها الله بفتحها (٥).


(١) في (ف): "متنعمها".
(٢) في النسخ: "مع عدم الأمر"، والصواب المثبت. وانظر: "روح المعاني" (١٤/ ٤٤٤)، ولفظه: (مع توجه الأمر إلى الكل .. ).
(٣) في (ف) و (م): "فوجدوا".
(٤) نسبت ليحيى بن يعمر. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٧٦).
(٥) وفي كلام المؤلف هنا قصور؛ فإن هذه القراءة تنقض ما ذكره من أمر التعدية واللزوم في الفعل المذكور؛ لأن الرواية فيها بكسر الميم ومع ذلك فهي متعدية، وبها رد البعض ما ذكر من الكلام في قصر التعدية على الفتح واللزوم على الكسر، فذكروا أن وكسر الميم لغةٌ كفتحها، ومعناها: كثرنا، حكى أبو حاتم عن أبي زيد: أمَر الله مالَه وأمِره - بفتح الميم وكسرها -؛ أي: كثره. انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ١١٩)، و"معاني القرآن" للنحاس (٤/ ١٣٣)، و"البحر" (١٤/ ٤١) وفيه تفصيل المسألة.