للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ﴾ أراد: خلْقَ أصله آدم ، أو أصل مادَّته، وذلك أن ماء الرَّجل يتولَّد من أغذية حاصلة من تراب، فنبَّهه أوَّلاً على ما تولَّد منه بالواسطة، ثم على ما تولَّد منه بالذَّات فقال:

﴿ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ﴾ فإنَّها مادَّته القريبة.

﴿ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾: جعلَكَ إنساناً ذكراً بالغاً مبلغَ الرِّجال سويًّا.

قيل: عدَلَكَ. ويردُّه قوله تعالى: ﴿فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ [الانفطار: ٧].

جعل كفره بالبعث كفراً بالله تعالى؛ لأنَّ منشأ الشَّكِّ في قدرته تعالى (١)، ولذلك رتَّبَ الإنكار على خلقه إيَّاه من تراب، كأنَّه يقول: مَن اعترف بخلقه تعالى إيَّاه من التَّراب لا ينكر إعادته منها؛ لأنَّها أهون منه، فالإنكار بالثَّاني لا يجامع الاعتراف بالأوَّلى.

* * *

(٣٨) - ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾.

﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾ استدراك من قوله: ﴿أَكَفَرْتَ﴾؛ لأَنَّه استفهامُ إنكارٍ وتوبيخٍ، فهو في الحقيقة إخبار عن كفره.

وأصل ﴿لَكِنَّا﴾: لكنْ أنا، فحذفت الهمزة، فتلاقَتِ النُّونان، فكان الإدغام.

وقرئ بالألف في الوصل (٢)؛ لتعويضها من الهمزة، أو لإجراء الوصل مجرى الوقف.


(١) في (م): "في قدرة الله تعالى".
(٢) وهي قراءة ابن عامر، وفي الوقف جميع السبعة يقرؤونها بإثبات الألف. انظر: "التيسير" (ص: ١٤٣).